فصل: تفسير الآيات (161- 163):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التيسير في التفسير أو التفسير الكبير المشهور بـ «تفسير القشيري»



.تفسير الآيات (103- 105):

{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)}
قيل في التفاسير إنه كان يمرُّ بالسكين على حَلْقِه والسكين لا يُقطَع، فتعجَّبَ إبراهيمُ، فنودي: يا إبراهيم، كان المقصودُ من هذا استسلامكما.
ويقال إن الله سَتَرَ عليهما عِلْمَ ما أُريد منهما في حال البلاء، وإنما كَشَفَ عنهما بعد مُضِيِّ وقت المحنة لئلا يَبْطُلَ معنى الابتلاَءَ، وهكذا يكون الأمر عند البلاء؛ تَنْسَدُّ الوجوهُ في الحال؛ وكذلك كانت حالة النبيّ صلى الله عليه وسلم. في حال حديث الإفك، وكذلك حالة أيوب عليه السلام؛ وإنما يتبيَّنُ الأمرُ بعد ظهور آخر المحنة وزوالها، وإلاَّ لم تكن حينئذٍ محنة إلاَّ أنه يكون في حال البلاء إسبالٌ يُولَى مع مخامرة المحنة ولكن مع استعجام الحال واستبهامه، إذ لو كشف الأمر على صاحبه لم يكن حينئذٍ بلاءٌ؛ قال تعالى:

.تفسير الآيات (106- 107):

{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107)}
قيل كان فداء الذبيح يُرَبَّى في الجنة قبله بأربعين خريفاً.
والناس في البلاء على أقسام: فبلاءٌ مستعصب وذلك صفة العوام، وبلاء مستعذب وذلك صفة مَنْ يستعذبون بلاياهم، كأنهم لا ييأسون حتى إذا قُتِلُوا.

.تفسير الآيات (112- 113):

{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)}
قوله جلّ ذكره: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَأقَ نَبِيَّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ}.
وكلُّ هذا بعد البلاء؛ قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} [الشرح: 6].

.تفسير الآية رقم (114):

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ (114)}
مَنَّ عليهما بالنبوة، وبالنجاة من فرعون وقومه، وبنصرته عليهم.

.تفسير الآية رقم (117):

{وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (117)}
يعني التوراة.

.تفسير الآية رقم (118):

{وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)}
بالتبري عن الحوْل والقوة، وشهود عين التوحيد.

.تفسير الآية رقم (123):

{وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)}
إلياس: قيل هو إدريس، وقيل غيره، وكان بالشام، واسمُ صَنَمِهم بَعْل، ومدينتهم بعلبك.. نذر قومَه فكذَّبوه، ووَعظَهم فما صَدَّقُوه، فأهلَكَ قومَه.

.تفسير الآية رقم (133):

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)}
مضت قصتهُ وكيف نجَّى أَهلَه إلا امرأته التي شارَكَتْهم في عصيانهم، فحقَّ العذاب عليها مثلما عليهم.

.تفسير الآية رقم (139):

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)}
فكان في أول أمره يطلب الاستعفاء من النبوة، ولكن لم يُعْفَ، ثم استقبله ما استقبله، فلم يلبث حتى رأى نَفْسَه في بطن الحوت في الظلمة.

.تفسير الآية رقم (142):

{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142)}
أي بما يُلاََمُ عليه، والحقُّ- سبحانه- مُنَزَّهٌ عن الحيفِ في حُكْمِه؛ إذ الخَلْقُ خَلْقُه، ثم اللَّهُ رَاعَى حقَّ تَعَبُّدِه، وحَفِظَ ذِمامَ ما سَلَفَ له أداء حقَّه فقال:-

.تفسير الآيات (143- 144):

{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
فإن كَرَمَ العَهْدِ فينا من الإيمان، وهو مِنَّا من جملة الإحسان، فالمؤمن قد أخذ من اللَّهِ خُلُقاً حسناً- بذلك ورد الخبر.

.تفسير الآية رقم (145):

{فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145)}
سقيم: في ضعفٍ من الحال لِمَا أثَّر مِنْ كَوْنِهِ قضى وقتاً في بطن الحوت.

.تفسير الآية رقم (146):

{وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146)}
لِتُظِلَّه، فإنه كان في الصحراء وشعاعُ الشمس كان يََضُرُّه، وقَيَّضَ له اللَّهُ ظبيةً ذات وَلَدٍ كانت تجيء فيرضع من لبنها، فكأنّ الحقَّ أعاده إلى حال الطفولية. ثم إنه رَحِمه، ورجع إلى قومه، فأكرموه وآمنوا به، وكان اللَّهُ قد كَشَفَ عنهم العذاب، لأنهم حينما خَرَجَ يونسُ من بينهم ندموا وتَضَرَّعوا إلى الله لمَّا رَأَوْا أوائلَ العذاب قد أظلَّتْهم، فَكَشَفَ الله عنهم العذاب، وآمنوا بالله، وكانوا يقولون: لو رأينا يونسَ لَوَقَّرْناه، وعظَّمْناه، فرجع يونسُ إليهم بعد نجاته من بطن الحوت، فاستقبله قومُه، وأدخلوه بَلَدَهم مُكرّماً.
ويقال: الذَّنْبُ والجُرْمُ كانا من قومه، فهم قد تُوُعِدُوا بالعذاب. وأمَّا يونس فلم يكن قد أذنب ولا ألَمَّ بمحظور، وخرج من بينهم، وكَشَفَ اللَّهُ العذابَ عنهم، وسَلِمُوا.. واستقبل يونس ما استقبله بل أنه قاسى اللتيا والتي بعد نجاته؛ ويا عجباً من سِرِّ تقديره! فقد جاء في القصة أن الله سبحانه- أوحى إلى يونس بعد نجاته أَنْ قُلْ لفلانٍ الفَخَّار حتى يَكْسِرَ الجِرارَ التي عملها في هذه السنه كلَّها! فقال يونس: يا رب، إنه قَطَعَ مدةً في إنجاز ذلك، فكيف آمُرُه بأن يَكْسِرَها كُلَّها؟
فقال له: يا يونس، يَرِقُّ قلبُكَ لِخَزّافٍ يُتْلِفُ عَمَلَ سنةٍ.... وتريدني أن أُهْلِكَ مائةَ ألفٍ من عبادي؟! يا يونس، إنك لم تخلقهم، ولو خَلَقْتَهم لَرَحِمْتَهم.

.تفسير الآية رقم (149):

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149)}
لمَّا قالوا في صفة الملائكة إنهم بناتُ الله بَيَّنَ اللَّهُ قُبْحَ قَوْلِهم، فقال: سَلْهُم من أين قالوا؟ وبأي حُجَّةً حكموا بما زعموا؟ وأي شُبْهَةٍ داخَلَتْهم. ثم إنهم كانوا يستنكفون من البنات، ويُؤْثِرون البنين عليهن.. ومع كُفرهم وقبيح قولِهم وصفوا القديمَ- سبحانه- بما استنكفوا منه لأَنْفُسهم.

.تفسير الآيات (161- 163):

{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)}
أي ما أنتم بفاتنين من الناس إلاَّ من أَغْوَيْتُه بحُكْمِي، فبه ضَلُّوا لا بإضلالكم.

.تفسير الآية رقم (164):

{وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)}
الملائكة لهم مقام معلوم لا يَتَخطَّوْنَ مقامَهم، ولا يتعدَّوْن حدَّهم، والأولياءُ لهم مقام مستورٌ بينهم وبين الله لا يُطْلِعُ عليه أحداً، والأنبياءُ لهم مقام مشهورٌ مؤَيَّدٌ بالمعجزات الظاهرة؛ لأنهم للخَلْقِ قدوة فأَمْرُهُم على الشّهْرِ، وأَمْرُ الأولياءِ على السَّتْرِ.

.تفسير الآية رقم (171):

{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)}
أي سبقت كلمتنا لهم بالسعادة، وتقدَّمَ حُكْمنَا لهم بالولاية والرعاية، فَهُم من قِبَلِنَا منصورون.

.تفسير الآيات (172- 173):

{إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)}
مَنْ نَصَرَه لا يُغْلَبُ، ومَنْ قَهَرَه لا يَغْلِب.
وجُنْدُه الذين نَصَبَهم لنَشْرِ دينه، وأقامَهم لِنَصْرِ الحقِّ وتبيينه. مَنْ أَراد إذلالَهم فَعَلى أذقانه يخرُّ، وفي حبل هلاكه ينجرُّ.

.تفسير الآيات (174- 175):

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175)}
توَلَّ عنهم- يا محمد- إلى أن تنقضيَ آجالُهم، وتنتهيَ أحوالُهم، وانتظِرْ انقضاءَ أيامِهم، فإنه سينصرم حديثهم وشيكاً:

.تفسير الآية رقم (176):

{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176)}
وإنما قال ذلك فيما كانوا يتمنون قيام الساعة، وكانوا يستعجلون ذلك لِفَرْطِ جهلهم، ثم لقلة تصديقهم. فإذا نزل العذابُ بساحتهم، وأناخ البلاءُ بعقوتهم فساء صباحهم. فتولَّ عنهم فَعَنْ قريبٍ سيحصل ما منه يَحْذَرون.

.تفسير الآيات (180- 182):

{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}
{سُبْحَانَ رَبِّكَ}: تقديساً له، وسلامٌ على أَنبيائنا، {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ}: أي هو المحمود على ما ساءَ أم سَرَّ، نَفَعَ أم ضَرَّ.

.سورة ص:

.تفسير الآية رقم (1):

{ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ (1)}
الصَّادُ مفتاحُ اسمه الصادق والصبور والصمد والصانع.... أقسم بهذه الأشياء. وبالقرآنِ. وجواب القسم: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ}.
ويقال: أقسم بصفاءِ مودةِ أحبابه والقرآنِ ذي الذكر أي: ذي الشرف.... وشَرفُه أنه ليس بمخلوق.

.تفسير الآية رقم (2):

{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2)}
في صلابةٍ ظاهرة، وعدواة بَيِّنة، وإعراضٍ عن البحث للأدلة، والسِّرِّ للشواهد.

.تفسير الآية رقم (3):

{كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)}
بادوا حين هَجَمَ البلاءُ مستغيثين، وقد فات وقتُ الإشكاء والإجابة.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4)}
عَجِبُوا أن جاءَهم مُنْذِرٌ منهم، ولم يعجبوا أن تكون المنحوتاتُ آلهةً، وهذه مناقضة ظاهرة. فلمَّا تحيَّروا في شأن أنبيائهم رَمَوْهم بالسحر، وقسَّموا فيهم القول.

.تفسير الآية رقم (5):

{أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)}
لم تباشر خلاصةُ التوحيد قلوبَهم، وبعدوا عن ذلك تجوزاً، فضلاً عن أن يكون إثباتاً وحُكْماً، فلا عَرَفُوا الإلهَ ولا معنى الإلهية؛ فإنَّ الإلهيةَ هي القدرة على الاختراع. وتقديرُ قادِرَيْنِ علىلاختراع غيرُصحيح لِما يجب من وجود التمانع بينهما وجوازه، ثم إنَّ ذلك يمنع من كمالهما، ولو لم يكونا كامِلي الوصفِ لم يكونا إِلَهْين، وكلُّ أمرٍ جرى ثبوتُ سقوطِ فهو مطروحٌ باطل.

.تفسير الآية رقم (6):

{وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)}
إذا تواصى الكفارُ فيما بينهم بالصبر على آلهتهم، فالمؤمنون أَوْلى بالصبر على عبادة معبودهم والاستقامة في دينهم.

.تفسير الآية رقم (7):

{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)}
ركنوا إلى السوء والعادة، وما وجدوا عليه أسلافَهم من الضلالة، واستناموا إلى التقليد والهوادة.

.تفسير الآية رقم (8):

{أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)}
أي لو استبصروا في دينهم لَمَا أَقدموا على ما أسرفوا فيه من جحودهم، ولولا أَنَّا أَدَمْنا لهم العوافيَ لَماَ تَفَرَّغُوا إلى طغيانهم.

.تفسير الآية رقم (9):

{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)}
أي: هؤلاء الكفار الذين عارضوا أو نازعوا، وكّذَّبوا واحتجُّوا.... أعندهم شيءٌ من هذه لأشياء؟ أم هل هم يقدرون على شيءٍ من هذه الأشياء فيفعلوا ما أرادوا، ويعطوا من شاؤوا، أو يرتقوا إلى السماء فيأتوا بالوحي على مَنْ أرادوا؟